البحث في الموقع

تطوير القطاع العام في الأردن: رؤية شاملة لتحقيق الكفاءة والتنمية

2025-01-03

ملخص تحليلي لحلقة برنامج “ستون دقيقة” مع وزير تطوير القطاع العام  خير أبو صعيليك

يأتي هذا المقال كملخص تحليلي لحلقة برنامج “ستون دقيقة” التي استضافت وزير الدولة لتطوير القطاع العام في الأردن، حيث تناولت الحلقة جهود المملكة في تطوير القطاع العام ضمن رؤية تحديث شاملة تشمل ثلاثة محاور: السياسي، الاقتصادي، والإداري. وتسعى هذه الرؤية إلى تعزيز الكفاءة وتحقيق نقلة نوعية في الخدمات العامة بما ينسجم مع تطلعات القيادة والمواطنين.

محاور تطوير القطاع العام: بين الحاجة والتحدي

التحديث الإداري كمرتكز أساسي للتنمية

أكد الوزير في حديثه أن الأردن، مع دخوله المئوية الثانية، وضع نصب عينيه ثلاثة مسارات رئيسية للتحديث:
    1.    التحديث السياسي: بهدف تعزيز المشاركة السياسية من خلال قوانين عصرية وتشجيع الحياة الحزبية.
    2.    التحديث الاقتصادي: عبر تمكين القطاع الخاص وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية.
    3.    التحديث الإداري: باعتباره القاعدة الأساسية لتفعيل المسارين السابقين وتحقيق الكفاءة والشفافية في تقديم الخدمات.

لماذا يحتاج القطاع العام إلى تطوير؟

أوضح الوزير أن البيروقراطية، طول الإجراءات، وضعف جودة الخدمات كانت أبرز التحديات التي واجهت القطاع العام خلال العقود الماضية. وأكد أن تحديث القطاع الإداري يعد خطوة حاسمة لتجاوز هذه الإشكاليات وتقديم خدمات تتسم بالجودة والسهولة. كما شدد على أن القطاع العام يجب أن يكون ممكنًا للقطاع الخاص، لا منافسًا له، ليتمكن الأخير من استيعاب نسب البطالة المرتفعة وتحقيق النمو الاقتصادي.

النظام الجديد للموارد البشرية: إصلاح جذري وتعزيز الكفاءة

نظام الموارد البشرية الجديد: إطار العمل وأهدافه

دخل نظام إدارة الموارد البشرية الجديد حيز التنفيذ في الأول من يوليو، حيث يهدف إلى تنظيم عمل 223 ألف موظف حكومي، ومعالجة الإشكاليات التي كانت تواجه النظام السابق. ورغم الانتقادات التي طالت النظام، أجرت الحكومة عدة تعديلات لمعالجة الثغرات وتحقيق الاستقرار الوظيفي.

أهم الإصلاحات التي تناولها النظام الجديد
    1.    الإجازات بدون راتب:
    •    تمديد مدة الإجازة إلى خمس سنوات للموظفين المتعاقدين خارج الأردن، بشرط تقديم إثباتات الاشتراك في الضمان الاجتماعي.
    •    اشتراط قضاء خمس سنوات خدمة داخل المملكة قبل التقدم للإجازة، وآخر خمس سنوات قبل التقاعد لضمان نقل الخبرات.
    2.    العقود السنوية وتحقيق الاستقرار الوظيفي:
    •    تحسين العقود السنوية عبر توفير استقرار وظيفي أكبر، إذ يمكن تحويل العقد السنوي إلى عقد لمدة ثلاث سنوات عند تحقيق تقييم أداء متميز خلال ثلاث سنوات متتالية.
    3.    نظام تقييم الأداء المبني على الأدلة:
    •    أصبح التقييم يعتمد على سجلات محوسبة تسجل الإنجازات والمخالفات بشكل يومي.
    •    يُمنح الموظفون فرصًا لتصويب أدائهم خلال فترة التقييم لضمان العدالة.
    4.    الحوافز والمكافآت:
    •    تم إدخال نظام حوافز استثنائي يصل إلى 150% من الراتب الأساسي للموظفين المتميزين، بهدف تشجيع الأداء المتميز وتحفيز الموظفين على تحقيق أفضل النتائج.
    5.    التدريب والتطوير المهني:
    •    توفير برامج تدريبية مكثفة بناءً على احتياجات الدوائر الحكومية، مع التركيز على تطوير مهارات الابتكار وحسن التعامل مع متلقي الخدمة.

إصلاح الهيكلية والدمج المؤسسي

هيكلة وزارة التعليم: نموذج للإصلاح الشامل

تناول أبو صعيليك هيكلة وزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم لتصبح وزارة جديدة تحت اسم “وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية”. وأشار إلى أن الهدف هو تحسين مخرجات التعليم من خلال:
    •    دمج التعليم العام والتعليم المهني والتقني تحت مظلة واحدة.
    •    إدخال التعليم الدامج لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم في العملية التعليمية.
    •    تقليل عدد المديريات في المحافظات من 42 مديرية إلى 16 مديرية لتقليل البيروقراطية.

دمج المؤسسات المستقلة: كفاءة وتوفير

أوضح الوزير أن الحكومة تسير بخطوات مدروسة لدمج بعض المؤسسات المستقلة ذات الأدوار المتداخلة، مثل دمج هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي مع هيئة تنمية المهارات. وأكد أن هذه الخطوات تتم دون المساس بحقوق العاملين، إذ يتم نقلهم إلى مؤسسات أخرى عند الحاجة.

معهد الإدارة العامة: بناء قيادات المستقبل

أشاد أبو صعيليك بدور معهد الإدارة العامة كركيزة أساسية لتطوير الكفاءات القيادية في القطاع الحكومي. وأعلن عن تحديثات كبيرة في بنية المعهد وبرامجه التدريبية، منها:
    •    إطلاق برامج تدريبية بالتعاون مع جامعات محلية مثل جامعة الحسين التقنية والجامعة الألمانية الأردنية.
    •    التشبيك مع معاهد عالمية مثل معهد الخدمة العامة في سنغافورة لتقديم برامج تدريبية متقدمة.
    •    تقديم دبلومات متخصصة في القيادات والسياسات العامة.

وأشار الوزير إلى أن المعهد درب أكثر من 18 ألف موظف حكومي خلال عام 2024، ويستهدف تدريب 20 ألفًا في عام 2025.

مراكز الخدمات الحكومية: تجربة ناجحة تحتاج للتوسع

التوسع الأفقي والعمودي

أشاد الوزير بنجاح مراكز الخدمات الحكومية الشاملة، وأعلن عن خطط لتوسيعها لتشمل جميع المحافظات بحلول عام 2025. كما يتم العمل على إدخال خدمات جديدة مثل إصدار البطاقات الشخصية وتسجيل الإقرارات الضريبية.

مشروع المتسوق الخفي

تحدث الوزير عن دور “المتسوق الخفي” في مراقبة جودة الخدمات الحكومية، حيث يتم تقييم نظافة المباني، جاهزية المرافق، ومدى ملاءمتها لذوي الاحتياجات الخاصة، مما يساهم في تحسين بيئة العمل وتقديم خدمات أفضل.

التحديات والمخاوف

الاستقرار الوظيفي

أبدى البعض مخاوفهم بشأن تأثير العقود السنوية على استقرارهم الوظيفي. وقد أوضح الوزير أن التعديلات الأخيرة توفر حماية للموظفين، مع ضمان العدالة والشفافية في التقييم.

دمج المؤسسات وتوحيد التصنيفات الوظيفية

أكد الوزير أن دمج المؤسسات وتوحيد المسميات الوظيفية يسهمان في تقليل التعقيد وتحسين الكفاءة. كما تم اعتماد تعليمات جديدة لتصنيف الوظائف نُشرت مؤخرًا في الجريدة الرسمية.

النظرة المستقبلية للقطاع العام

من الترشيد إلى الكفاءة

أوضح  أبو صعيليك أن الحكومة لا تسعى إلى “ترشيق” القطاع العام بقدر ما تهدف إلى “ترشيده”، بمعنى ضمان وجود العدد المناسب من الموظفين في كل مؤسسة. ويتم ذلك عبر نقل الفائض من الموظفين إلى مؤسسات تحتاج إلى تعزيز كوادرها.

ثقافة الابتكار والانتماء

أكد الوزير على أهمية تعزيز الانتماء الوظيفي من خلال ربط الأداء الفردي بالمؤسسي وتوفير بيئة عمل داعمة. كما شدد على أهمية التدريب المستمر للموظفين وتطوير مهاراتهم بما يتماشى مع وظائف المستقبل.

الخاتمة

يشكل تطوير القطاع العام في الأردن خطوة استراتيجية لتحقيق رؤية شاملة للتحديث الإداري والاقتصادي والسياسي. من خلال تحسين البنية الإدارية، إدخال نظم تقييم عادلة، وتقديم برامج تدريبية متقدمة، تسعى الحكومة إلى بناء قطاع عام كفؤ وفعال يلبي تطلعات المواطنين. وكما أشار الدكتور خير أبو صعيليك، فإن هذه الجهود ليست خيارًا بل ضرورة لضمان تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة.